قيل لي.. حديث عن محمود درويش
قيل لي : “ما تقرئين ؟ “
قلت : “هل تقصد من أقرأ ؟ “
راجعت نفسي، من ترى كتاباته شدتني، تركتني ساعات دون نوم، دون أكل حتى… هو محمود درويش لا غيره، ابن تلك الأرض الطيبة…
هو لا غيره، بهرتني أشعاره..سحرتني أقواله …عشقت نفسي و أنا أقرأ كتبه…
هو لا غيره..متنبي عصره….ذاك الإنسان الجميل…. وعابر القلوب بكلمات وجدت ليكتبها…
لا يسعني في حقيقة الأمر، أن أخص كتاب له دون آخر، فكتبه كأصناف الأحجار الكريمة…فيها الزمرد و الفيروز و المرجان و الياقوت….تجتمع إما لتغني كنز روحك…أو تشكل قلادة المعرفة حول رقبتك التواقة للجمال.
مؤلفاته هي عبارة عن دأب حياة من أدب، عن سطور تخفق حياة كعصفور في أول درس للطيران، هي عبارة عن ثورة فكر و مسيرة نضال، قصائده ملاحم شوق و عزم و انتظار…هو سيد النضال ..سيد الحب ..و نبوغ الوطن.
أعود لأتذكر أنه علي الاختيار… من بين تلك الدواوين فقط أحدها، أهو ”أثر الفراشة” الذي كان حسن الخاتمة أم هل ” كزهر اللوز أو أبعد ” سيشفع لي بعد ما تناغمت روحي بقصائده ؟ وهل كان ذاك الحصان وحيدا فعلا ؟ و أم آن للعصافير أن تموت في الجليل ؟
كلماته شمس تمشط غيمات قلوبنا…كلمات ستشفي البشر….كلمات مباركة.
لذكرى كائن ليلي مرح في خفة ظل الفراشة، اخترت ”أثر الفراشة’‘،هذا الديوان ما هو إلا يوميات درويش الشعرية إذا صح القول، ولذلك فقد كتب عن كل شيء و أي شيء أثر فيه، يوميات تحمل من إيقاع الحروف وعمق المعاني ما يجعلني أقف احتراماً لما خلده شاعرنا الفلسطيني محمود درويش، أثر الفراشة جذبتني رقة أسمه، فوجدت المفردات الغنية وعمق الفكرة , وفي كل قصيدة يذهب بنا بعيداً : لـ الصيف , والشتاء والربيع .. عن اللاشيء .. وعن الليل ..عن الجبال .. عن شجرة الزيتون رمز السلام..عن غزة .. وعن فلسطين .. وعن المنفى..عن خيال الشاعر وكان كل ما يجذبني في الحقيقة “أنه فلسطيني, أردت أن أرى انسكاب حروفه عن الوطن، وطننا جميعا …
أن تدخل عالم درويش و تتحسس طريقك في نفسه لتصير أقرب منه خطوة خطوة حتى تمتزج نفسيكما و تشعر هذا الشعور الرائع حتى نهاية الكتاب…لتلمس وترا محددا من أحاسيسك لم تعزف من قبل…
إلى نظرية شاوس….كان يهمس لها بلامبالاة : “أثر الفراشة لا يرى…أثر الفراشة لا يزول…هو جاذبية غامض يستدر المعني ويرحل…حين يتضح السبيل….هو خفة الأبدي في اليومي….. أشواق إلي أعلى….وإشراق جميل
هو شامة في الضوء تومئ …حين يرشدنا إلي الكلمات ….باطننا الدليل
هو مثل أغنية تحاول أن تقول…. وتكتفي بالاقتباس من الظلال …ولا تقول”
و هو العبقري باختياره لهذا العنوان…
لن أنكر أن عبثية و رمزية و تهكمية بعض القصائد تستهويني…..هذيان و جدية تتملكان روحك… في ديوان يشرب جرعة واحدة لا يخلو من مذاق لاذع الطعم….
اقرؤوه و استلذوا كلماته و أنصتوا لصوته من بين سطور الكلمات ….يدعوكم للتأمل و التفكير.
شاهد أيضا: