الفيض، كتاب يبحر في عالم أمراض الحيوانات المعدية
عن سلسلة عالم المعرفة (سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة و الفنون الكويتي)، صدر في جزأين كتاب “الفيض: أمراض الحيوانات المعدية و جائحة الوباء التالية بين البشر”، من تأليف ديفيد كوامن و ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي (Spillover: Animal Infections and the Next Human Pandemic, by David Quammen).
و يقع الكتاب في 326 صفحة بالنسبة للجزء الأول، و 358 صفحة للجزء الثاني. و مكوّنا من تسعة فصول، خمسة للأول و أربعة للثاني، و هي كالآتي: “حصان شاحب، ثلاث عشرة غوريللا، كل شيء يأتي من مكان ما، وجبة عشاء في مزرعة الجرذان، الأيل و الببغاء و الصبي في البيت المجاور، الوصول إلى الفيروسات، عوائل سماوية، الشمبانزي و النهر، الأمر يتوقف على ..”، إضافة لمعجم المصطلحات و ببليوغرافيا غنية بالمراجع المهمة.
أمراض الحيوانات المعدية أو الأمراض حيوانية المنشأ Zoonosis
عبر أسلوب روائي سلس و شيق، يبحر بنا المؤلف في عالم مليء بالجراثيم مثل: الفيروسات، البكتيريات، الفطريات و الديدان.. الخ، ليصل بنا إلى أصل الداء و المرض، الذي ينتقل من “الحيوانات” إلى البشر.
و من أجل الوصول إلى هذا الأصل، أو إلى حل لغز المرض، “يروي لنا أسفاره المستمرة لخمس سنوات في أرجاء قارات العالم، بالطائرة و السيارة و قوارب الكانو، و ما تعرض له في هذه الرحلات من أحداث، في غابات أفريقيا و فياضانات بنغلاديش، و كهوف الخفاش في ماليزيا، و مزارع الماشية في هولاندا، و ميادين سباق الخيل في أستراليا”.
عبر العديد من النماذج و الأمثلة، يحاول المؤلف بكل ما أوتي من أسلوب بسيط و عميق أن يُشَرِّح أمراض الحيوانات المعدية ، هاته الأخيرة التي يقول عنها: “المرض الحيواني المنشأ هو عدوى عند الحيوان قابلة للانتقال إلى البشر. عدد هذه الأمراض يفوق ما تتوقعه. الإيدز أحد هذه الأمراض. الإنفلوانزا فئة كاملة أخرى من هذه الأمراض. التفكير في هذه الأمراض كمجموعة ينحو إلى تأكيد الحقيقة الداروينية القديمة (أشد حقائقها قتامة، حقيقة معروفة جيدا، و إن كانت تُنسى دائما) و هي أن الإنسان هو بالفعل نوع من الحيوان، مرتبط على نحو لا ينفصم بالحيوانات الأخرى: في الأصل، و في نسل الذرية، و في المرض و الصحة. و النظر في الأمراض الحيوانية المشتركة على نحو فردي سيذكرنا بأن كل شيء، بما في ذلك الوباء، يأتي و لا بد من مكان ما” (ص14، ج1).
فيروس إيبولا، تاريخ الظهور و الانتشار
في الفصل الثاني، ثلاث عشرة غوريللا، يعالج الكاتب فيروس إيبولا، الذي طفى ذكره على سطح الأخبار في الآونة الأخيرة، من جميغ زواياه. بدءاً من نقطة انطلاق تتمثل في إصابة ثمانية عشر فردا من قرية مايبوت الصغيرة في الغابون، بعدما “شاركوا في ذبح و أكل قرد شمبانزي” (أتبث بعدها أن القرد وجد في الغابة ميتا و منهوشا)، إلى تاريخ أول انبثاق مسجل للفيروس سنة 1976، مرورا بجميع تواريخ ظهور الفيروس و تنقّله. على مدار 81 صفحة كاملة، و هي عدد صفحات الفصل الخاص بفيروس إيبولا، تتبع ديفيد كوامن مسار مرض يثير الرعب و الهلع في الفترة الأخيرة عبر جهات العالم الأربع.
نصيحة: إذا أُصيب زوجك بفيروس إيبولا فأعطه الطعام و الماء و الحب و ربما الصلاة، لكن احتفظي بمسافة بعدك عنه. انتظري في صبر، و لتأملي خيرا. و إذا مات فلا تنظفي أمعاءه بيدك. الأفضل أن تتخذي خطوة إلى الوراء، و ترسلي قُبلة في الهواء، و تحرقي الكوخ
– المؤلف