المهدي المنجرة ، رحيل مثقف استثنائي
رحل صباح أمس، عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة عن سن تناهز 81 سنة. و قد عانى الراحل في السنوات الأخيرة من مرض “الباركينسون” ليلج في شهوره الأخيرة أحدى مصحات الرباط.
و يعد المهدي المنجرة من رواد علم الدراسات المستقبلية في العالم، و تقلد عدة مناصب كبرى على مداره مساره المهني و الفكري.
المهدي المنجرة ، مسار اسثنائي لمثقف اسثنائي
ولد المهدي المنجرة بالرباط في 13 مارس 1933، خارج سور المدينة العتيقة في حي حمل اسم مرصا. تابع دراسته الابتدائية في ليسي غورو بمدينة الرباط، ثم دراسته الثانوية بليسي لوطي الشهير بمدينة الدار البيضاء، قبل أن يصدر في حقه قرار الطرد ليلتحق بعدها بالولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال دراسته .
و صادف حلوله بأمريكا، أواخر ماي 1948، انطلاق البث التلفزيوني بالولايات المتحدة الأمريكية و ظهور الأسطوانة الدائرية، الأمر الذي سيربطه مباشرة بجديد عالم الاتصال و الذي سيوجه مساره في وقت لاحق.
بداية، التحق المهدي المنجرة بمؤسسة “باتني” الثانوية التجريبية، ثم بجامعة “كورنيل” ليتابع دراسته في تخصص البيولوجيا و الكيمياء، قبل أن يزاوج بين تخصصه الأول و دراسة العلوم الاجتماعية و السياسية ابتداءا من السنة الثانية. و توّج مساره في الولايات المتحدة الأمريكية بحصوله على شهادة الإجازة سنة 1954 في سن الواحد و العشرين.
في نفس السنة، أي 1954، شدّ الرحال إلى المملكة المتحدة لمتابعة دراسته العليا، الأمر الذي نتج عنه مناقشته لأطروحة الدكتوراه حول “الجامعة العربية”. و في أواسط سنة 1957، سيعاود السفر نحو أمريكا للاستفادة من برنامج خاص بالطلبة الداخليين أعدته منظمة الأمم المتحدة.
و في أواخر نفس السنة، سيعود للمغرب ليشغل منصب أستاذ بكلية الحقوق كأول أستاذ مغربي بها. و بعد انتهاء الموسم الدراسي 1957/1958، سيعود مجددا إلى نيويورك قائما هذه المرة بأعمال البعثة المغربية لدى الأمم المتحدة إلى جانب عبد اللطيف الفيلالي. ليظل هناك إلى حدود فبراير 1959، ليطلب منه الرجوع إلى المغرب فاتحا صفحة جديدة في مساره المهني، إذ استقبله الملك محمد الخامس و عينه في منصب مدير للإذاعة و التلفزة المغربية و هو لم يتجاوز بعد سنته السادسة و العشرين.
بعد استقالته من منصب مدير الإذاعة، و الذي لم يعمر فيه كثيرا، عينه المدير العام لليونيسكو، روني ماهو، و تحديدا في سنة 1962، مديرا لديوانه. و انضم إلى جامعة لندن سنة 1970 أستاذا محاضرا و باحثا في الدراسات الدولية. ثم مستشارا للمدير العام لليونيسكو خلال سنتي 1975 و 1976.
في الفترة بين 1976 و 1981، شغل منصب رئيس الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية، ثم رئيسا للجمعية العالمية للمستقبليين المؤسسة سنة 1982 بباريس.
و قد خط المهدي المنجرة لنفسه مسارا متميزا، و اعترافا لخدماته و إنجازاته فقد قلّده الامبراطور الياباني سنة 1986 “وسام الشمس المشرقة”. كما حاز في فرنسا على عدة جوائز منها جائزة كوزون للأدب الفرنسي سنة 1954، و وسام الأداب و الفنون من درجة فارس سنة 1969، و الميدالية الفضية الكبرى للأكاديمة الفرنسية للهندسة المعمارية سنة 1984، و وسام الأداب و الفنون من درجة ضابط سنة 1985.