المواطنة تلك الاستعارة التي نحيا بها: عرس المؤرخ ومهرجان التاريخ
الرباط: أحمد طنيش
تغطية صحفية عن فعاليات ملتقيات التاريخ الدورة 8 الرباط أيم 3، 4 و5 دجنبر 2014
بمناسبة ملتقيات التاريخ في دورته الثامنة، افتتحت الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية، أشغال ندوتها الوطنية الدولية، المقامة بالمكتبة الوطنية بالرباط أيام 3، 4 و 5 دجنبر 2014، بمشاركة مؤرخين و فاعلين في الحقل التاريخي و الفكري و التربوي و الثقافي يمثلون مؤسسات و جامعات من المغرب و فرنسا و هولندا و لندن و الولايات المتحدة الأمريكية.
المحور العام للملتقى انطلق من أرضية علمية كون مفهوم المواطنة هو وليد تاريخ أوروبا وظل في كل ثقافات الزمن الراهن يجمع بين دلالات لفظية تمزج بين معاني الجماعة، والأمة والوطن، ويعبر عن ما للأفراد من حقوق و واجبات، لذا فتشخيص أوضاعه في باقي أنحاء العالم يعد أمرا في غاية الأهمية:
ـ أولا: هل يمكن حصر الظروف والسياقات التي برز فيها مفهوم المواطنة، إن وجد، في العالم العربي والإسلامي؟
ـ ثانيا: ما طبيعة القيم والمعايير التي ساهمت في بلورة المواطنة في تاريخ العالم العربي الإسلامي؟
في محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة و غيرها، و رغبة من الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية في إسهام المؤرخ في هذا النقاش، و في نشر و تمتين قيم المواطنة عند الجمهور العريض، مرت أشغال الدورة الثامنة من “ملتقيات التاريخ” في موضوع: “المواطنة”، الذي يستمد مشروعيته من راهنيته، أي من الجدل الدائر حوله ليس في العالم العربي فحسب، بل في جل أرجاء المعمور. و من جهة أخرى، فإن المدرسة المغربية تسعى على شاكلة كل مدارس العالم، إلى ترسيخ قيم المواطنة المستمدة من الموروث التقليدي، و المنفتحة على الحداثة بكل تجلياتها الظاهرة و الخفية، بما فيها احترام حقوق الإنسان، و تدعيم ثقافات الاختلاف و التعايش و المساواة و التسامح…
في ظل هذا التصور و أرضية العمل، مرت أشغال الدورة الثامنة من ملتقيات التاريخ، خلال ثلاث أيام، نبشت في التاريخ و ناقشت و حللت المفهوم و قارنت وضعيته في الثقافات و الهويات و الأدبيات الكونية.
اليوم الأول من ملتقيات التاريخ الأربعاء 3 دجنبر 2014
المائدة المستديرة الأولى: المواطنة، المفهوم و التعريفات.
منسق الجلسة محمد مزين جامعة فاس، بمشاركة، أحمد سراج مجلس الجالية المغربية بالخارج الرباط، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، عبدو الفيلالي أنصاري، جامعة أغا خان لندن، أرنو بينيي رئيس مؤسسة بحث بالمغرب، هولندا.
تطرقت الجلسة الأولى لمفهوم المواطنة وحمولاته ومعانيه المتعددة ومنها الجماعة والأمة والوطن، وما يرتبط بها من حقوق وواجبات فردية، من ثم فإن بناءه اليوم له علاقة بتباين الثقافات والطرق والآليات التي تمثله غير أن تحديد هذا المفهوم لا يمكن أن يتم بمعزل عن بعده التاريخي. وبالفعل فقد تعددت المقاربات اللغوية والفكرية والتاريخية والفلسفية للقبض على مفهوم المواطنة، من طرف المتدخلين في هذه الجلسة الأولى، التي اعتبرت مدخلا عاما للمحاور الكبرى للملتقى.
المحاضرة الافتتاحية الأولى، للأستاذ عبد الله العروي
عنوانها: المواطنة، مساهمة، مجاورة.
اعتبر اللقاء لحظة قوية و دالة لكون العلم والمعرفة هما المستقبل والفعل التنويري للأجيال. ملأت قاعة المحاضرات على آخرها وجلس الطلبة والأساتذة على جنباتها في لحظة احتفال علمي تربوي ثقافي وفكري تساوى فيه الجميع أمام محاضرة “المواطنة” للاستمتاع المعرفي مع المفكر والمؤرخ ذ.عبد الله العروي.
في مستهل محاضرته في محور المواطن تطرق ذ.عبد الله العروي إلى معنى المواطنة لغة تم مفهوما و بالتالي مساهمة و مجاورة، وأضاف أننا استعرنا مفهومها من المصطلح الفرنسي citoyenوالإنجليزي citizen وجدرها هو cité/المدينة كما استعرنا عدة مفاهيم ومنها الديمقراطية والبرلمان، أما المقابل العربي فله علاقة بالموطن/المكان الأرض..في هذا الإطار استحضرت كمتلق مشروعا لغويا فكريا هاما “الاستعارات التي بها نحيا” لمؤلفيه جورج لايكــوف ومــارك جنسون ترجمة ذ.عبد المجيد جحفة، والذي جاء في فصله الأول المعنون بـ “هذه التصورات التي بها نحيا” حيث بين المؤلفين أن الاستعارة لا ترتبط فقط بالخيال الشعري والزخرف البلاغي بل إنها تتعلق حتى بالاستعمالات العادية إذ أن الاستعارة ليست خاصية لغوية للألفاظ فقط بل هي مسألة تتصل بالتفكير بل بكل مجالات حياتنا اليومية، بل إن النسق التصوري اليومي الذي يسير أمورنا لا ينفك من الطبيعة الاستعارية.
عبر سفر الاستعارة سافر بنا العروي إلى القرن 17، لتتبع سيرة المواطنة التي لم تتشكل وتتطور إلى عبر جهد فكري واجتماعي ونفس الأمر حصل في القرن 18 إلى حدود القرن 19 بحيث حصل التمازج بين النبلاء والتجار، واستفاد التجار من الحقوق التي كانت حكرا على النبلاء ليأتي مطلب الاستفادة من طرف العمال عبر نضالاتهم و مطالبتهم القوية بحقوق عامة، و ذلك للتساوي في المواطنة، من هنا جاء مفهوم المواطن المساهم و ليس المجاور، و يحيلنا مفهوم المواطن المساهم إذن إلى مفهوم الدولة المواطنة، التي هي عبارة عن شركة تجارية، المواطن فيها صاحب سهم، و بذلك فحقوقه هي مؤهلاته، أما المعوز فهو الذي لا يملك شيء في الشركة و لا سهم له فيها، و من هنا جاء مفهوم المواطن النشيط و المواطن غير النشيط، من منظور الأداء الضريبي.
خلص العروي إلى أن كل المفكرين ربطوا المواطنة بالتربية، إذ لا يمكن أن تكون هناك مواطنة مع الدناءة و الخسة، و الخيانة و التضليل، إذ المواطنة مرتبطة بالفضيلة و الصدق و الأمانة.
يقول أحدنا: لا أرضى لنفسي أقل من أن أكون مواطنا كامل المواطنة، دون أن يعي النظرية التي يستند إليها، تلغيه مسبقا في المجال السياسي. النظرية، من أرسطو إلى كانت و هيغل، مرورا بروسو، لا تهتم بفرض من له مؤهلات محددة، و هي: أن يكون ذكرا لا أنثى، حرا لا مملوكا، عاقلا لا معتوها، راشدا لا قاصرا، فاضلا لا دنيئا، نقيا لا فاجرا، أمينا لا خائنا. من يتحلى بهذه الصفات ينعت بالشيخ sénateur أو الأب، أو السيد و هو الفرد الذي يملك سهما في الشركة التي تسمى الدولة الوطنية.
لدفء اللحظات الفكرية مع العروي في ظل برودة الجو الرباطي الذي كان ممطرا في لحظات السفر و النبش في حفريات تاريخية و فكرية و فلسفية و اجتماعية و اقتصادية تم قانـونية و تشريعية لمفهوم “المواطنة” la citoyenneté، فتح النقاش مع الحضور الذي تعددت أسئلته التطلعية للمزيد من الإضاءات الفكرية، و التي لخصها الأستاذ عبد المجيد القدوري، في سؤال محدد: الأستاذ العروي اخترتم الاتجاه النظري في محاضرتكم واعتمدتم على الفلاسفة، ألا يمكن الاعتماد على أبعاد أخرى تاريخية مثلا…؟
العروي المفكر يقدم لما العروي المشروع الفكري:
العروي: كعادتي أنطلق من تجربة فعلية، فمن يقول أود أن أكون مواطنا في هذا البلد المغرب، فإنه يقوم بتجربة يجد لها كلمة، تبعا لنفس المنهج الذي سرت عليه في مفهوم الحرية.
الكل يقول أود أن أكون مواطنا، لكن هل الكل يعرف شروط المواطنة، ولو عرفها لوجد نفسه أنها لا تنطبق عليه، المواطن هو من يساهم في بناء القوانين.
اليوم الثاني من ملتقيات التاريخ لخميس 4 دجنبر 2014
كان الموعد مع المائدة المستديرة الثانية: المدرسة والمواطنة، التي انطلقت من أرضية تعتبر أن المدرسة تشكل المجال الأهم لنشر قيم المواطنة. وقد ألحت الوثائق التربوية على جعل الجيل الناشئ متشعبا بقيم الحضارة المغربية وبحقوق الإنسان، ومقتنعا بالمشاركة الايجابية في شؤون البلاد وقادرا على ابداء رأيه وتحمل المسؤولية.
سير الجلسة محمد زرنين، مركز التوجيه والتخطيط التربوي، الرباط، وكانت مداخلات كل من الأساتذة محمد الدكالي، جامعة محمد الخامس، الرباط، مصطفى حسني الإدريسي جامعة محمد الخامس الرباط، أمينة جوان، مركز التوجيه والتخطيط التربوي، الرباط عز الدين أقصبي، مركز التوجيه والتخطيط التربوي، الرباط.
تمحور الحوار بين المتدخلين، والحضور حول التوجيه الدراسي والتكويني للتلاميذ ومنها غرس مبادئ التربية على المواطنة وهنا يطرح السؤال عن علاقة مفهوم المواطنة والتاريخ، بمعنى آخر هل للتاريخ كعلم بمنهجه الخاص دور في بناء المواطنة؟ من هنا أشارت جمعية المغربية للمعرفة التاريخية بأن يتم الوقوف عند المدرسة المغربية وطريقة تدريس مادة التاريخ التي تقتضي تجاوز ظاهر الأحداث من أجل التركيز على منطقها وهو المنهج الذي يساعد على بناء مواطنة مسؤولة واعية وواعدة.
المائدة المستديرة الثالثة: مواطنون من هنا وهناك
سير الجلسة، أحمد سراج، مجلس الجالية المغربية بالخارج، الرباط، جامعـة الحسن الثاني الدار البيضاء، بمشاركة: عبد الله بوصوف، مجلس الجالية المغربية بالخـارج الرباط، ليون يوسكنس جامعة ليدن، هولندا، العربي أوكادا، جامعة جيورجيا، الولايات المتحـدة الأمريكية، رشيد بن الزين معهد الدراسات السياسية، إكس أون بورفانس، فرنسا.
تمحور اللقاء حول ما أسفرت عنه العولمة وما واكبها من انفتاح مبالغ فيه ليس عن خلخلة العمق التاريخي للشعوب فحسب، بل وعن تهديدها بفقدان وشيك لهوياتها، ومن ثم أضحت مسألة إنقاذ ثوابت و خصوصيات ثقافاتها أولوية لا محيد عنها. وإذا كان المغاربة قد نجحوا إلى حد ما في تحصين تقاليدهم و عاداتهم عبر العصور، فإن أفراد جالياتنا بالخارج، و في إطار سعيهم لضمان اندماج المغرب في مسلسل العولمة، واكبوا عبور الأجيال مسألة الانتقال من مهاجر إلى مواطن، بشروط وخصوصية تعاقدية مع الهوية و الوطن و مطلب البلد المستقبل و شروط مواطنته.
المائدة المستديرة الرابعة: المرأة والمواطنة
مهدت الأستاذة أسية بنعدادة، منسقة الجلسة، جامعة محمد الخامس، الرباط، لهذا المحور بأن موضوع المرأة مرتبط بمواضيع مجاورة مثل الأسرة و الديمقراطية و الحقوق و المساواة و الواجبات كما أشارت بأن المرأة كانت مهملة في أدبيات التاريخ وما زالت مهملة، في ظل هذه النقط كان التحاور حول المرأة و المواطنة عبر مداخلات رندي ديكلام مديرة أبحاث، بإكس أون بروفانس فرنسا، و لطيفة بوحسيني، مؤرخة و فاعلة جمعوية و عبد الرزاق مولاي رشيد، باسم المجلس الدستوري وأستاذ السوسيولوجيا الهراس.
خلص الحوار، عبر تعدد التناول ومنهجياته وحفرياته و مقارباته من داخل الصورة و الفعل و الحراك و من منظور التخصص و الاهتمام الذي تعدد المقاربات بين القانون و السوسيولوجي و العلمي و التاريخي، بأن قضية المرأة قضية مجتمع يبحث كما تبحث عن مواطنة كاملة تتماشى و التحولات التي يعرفها العالم من حولنا، و بطبيعة الحال مررت خطابات عدة و على رأسها المطالبة بالحقوق و المواطنة على المستوى العام و الخاص، داخل الأسرة و البيت و مؤسسة العمل و الحزب و الوطن ككل.
المحاضرة الثانية، الأستاذ جان كليمون مارتان (جامعة باريس 1، السوربون، فرنسا)
عنوانها: مواطنون/ مواطنات زمن الثورة الفرنسية: مفهوم ملتبس.
كان محور المحاضرة حول المواطن والمواطنة خلال الثورة الفرنسية: بحيث أنتجت الثورة الفرنسية فاعلا جديدا هو المواطن، كمفهوم ملتبس و ذلك بالرغم من إقصائها شريحة من المواطنين من النشاط السياسي بمن فيهم المرأة المواطنة، مما دفع بعض الجماعات المناضلة إلى المطالبة مرارا ومن دون جدوى بتعديل هذا التصنيف. غير أن دراسة النصوص و القوانين تبين أن المشرع تبنى في الواقع موقعا توافقيا بإدماجه مفهوم المواطنة بانتظام لكن مع تجريده من دلالته المطلبية، قاربت المحاضرة هذا التوافق مع تبيان كيف تم الربط بين الأبعاد المتعددة للحياة العامة و السياسية خلال الثورة الفرنسية بين 1789 و 1799.
وضعتنا المحاضرة بتناولها هذه الحقبة، أمام المطلب القانوني الذي يود مشرعا واعيا بمطلب المواطنة التي تشرك و لا تلغي، تضيف و لا تقصي..
اليوم الثالث من ملتقيات التاريخ: الجمعة 5 دجنبر 2014
المائدة المستديرة الخامسة: الأرشيف والمواطنة
خلافا لبعض الدول التي تمكنت من جعل الأرشيف مسألة مركزية في تدبيرها اليومي، فإن هذه الثقافة بالمغرب لازالت في مرحلتها الأولية. مما يتطلب القيام بحملات تحسيسية مواكبة لمشروع بناء المواطنة.
كان محور المداخلات دعوة للتأمل وتعميق النقاش في موضوع أضحى ذا أهمية بالغة في مسلسل بناء دولة الحق و القانون، الذي يستوجب التغلب على مختلف أشكال التردد و المقاومة. من هنا أخذ موضوع المواطنة تماثلات أخرى خارج الموضوع و الإشكال و القضية و الأدبيات إلى الوثيقة و الذاكرة الملموسة.
سير هذه الجلسة العلمية المتخصصة، جامع بيضا، مدير أرشيف المغرب، الرباط بمشاركة الأساتذة، محمد إدصالح، خبير في الأرشيف، الرباط، مصطفى بوعزيز، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، سعيد مستفيد، رئيس الجمعية الوطنية للمعلوماتيين، و أنياس فاتيكان، مديرة أرشيف لاجيروند، بوردو، فرنسا.
المائدة المستديرة السادسة: المواطنة، الإثنية والهوية الحضرية
منسق الجلسة، العربي أو كادا، جامعة جيورجيا، الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة أران س.، ماك كينون، جامعة جيورجيا، الولايات المتحدة الأمريكية، كوستاس سبيرو جامعة جيورجيا الولايات المتحدة الأمريكية، كريم بيجيت، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء.
تتميز المواطنة في المجتمعات المتعددة الإثنيات بجملة من الخصوصيات المستمدة من تباين المرجعيات الثقافية و المحددات الهوياتية و ما يرافقها من إعادة تشكيل هذه المجتمعات المتنوعة الأصول والمشارب داخل مجالات حضرية تتطلع إلى ترسيخ خطاب المواطنة الكاملة، نوقشت قضية المواطن في جنوب إفريقيا و مفهوم مواطنته التي أفرزت مفاهيم متعددة محورها الإقصاء، لكون بناء الهوية لها محددات منها ما هو اقتصادي و ما هو اجتماعي و ما هو سياسي..وفق الرؤية العنصرية و التفريق العرقي بين الأبيض و الأسود أصبحنا في تجربة جنوب إفريقيا أما دولتين في دولة، و هويتين لمواطنين تعطى فيه حقوق لهذا بأسباب عرقية و تأخذ من الآخر لنفس الأسباب، هذا النوع من المواطنة يقابله نوع أخر مختلف و هو المواطنة في شيكاغو، التي تحول الفرد من مهاجر إلى مواطن ليس بمفهوم المواطنة الحقوقية و مطلب المساواة كما هي عند أفلاطون، و لكن لغرض التصويت والتوازن الانتخابي، بمعنى تحويل المهاجر إلى مصوت، وفق بعد برغماتي.
فعلا يعد مفهوم المواطنة تركيبة معقدة، فهي ظاهرة ثقافية و قانونية و فلسفية إذ تحتمل “المواطنة” تعريفات متعددة تتباين معانيها و دلالاتها بتباين الحقب و العصور، و تتخذ طرق تمظهرها و تجددها أشكالا مختلفة تبعا للزمن والمجال، و وفقا للمرجعيات القانونية و التربوية و السياسية.
غير أنه لا يمكن تعريف المواطنة بصفة دقيقة إلا باعتماد البعد التاريخي، الذي يحيل إلى تجدرها في الممارسة السياسية عند اليونان القدامى، و يفسر وتيرة تبلورها بشكل جلي في سياق الإعلان عن حقوق الإنسان غداة الثورة الفرنسية.
بيد أن مفهوم المواطنة في البلدان العربية، لم يظهر بصورة ملموسة، إلا حين وظفته الحركات الوطنية في خطاباتها خلال القرن العشرين.
في كلمة اللقاء طرح ذ.عبد المجيد القدوري السؤال المؤطر الذي تمحورت حوله كل المداخلات “هل للمؤرخ الحق في معالجة قضايا راهنة ؟” و جاء التعقيب، “يدفعني هذا السؤال أن أعيد طرح سؤال آخر طرحته مجموعة من مؤرخي العالم في لقاء رعته منظمة اليونسكو في مدينة نيس الفرنسية في الثمانينات تمخض عن ذلك إلقاء سؤال أساسي جاء على شكل عنوان لكتاب: ما معنى أن تكون مؤرخا اليوم؟”..وأضاف الأستاذ القدوري الهدف المركزي و الأساسي للجمعية المغربية للمعرفة التاريخية و هو البحث عن السبل التي تمكن من وضع نتائج البحث الأكاديمي في متناول الجميع و إخراج الأبحاث من الرفوف و العمل على تبسيط نتائجها و أجرأتها لبناء مستقبل واع و واعد.
فعلا و كما صرح الأستاذ عبد المجيد القدروي في افتتاح أشغال هذا الحدث الفكري المتميز للجمعية المغربي للمعرفة التاريخية في دورتها الثامنة.. “نود أن يكون الحدث عرس المؤرخ و مهرجان التاريخ”.
خلال الأيام الثلاث لملتقيات التاريخ، عشنا حدث عرس المؤرخ و مهرجان التاريخ و فتح النقاش العلمي و الجاد و المسؤول مع النبش في الحفريات و المعطيات و القيام بالتحليل الرصين، بلغات متعددة حرفا ومعنى حول “المواطنة” مفهوما و ممارسة و تاريخا و تمثلات، و خرج النقاش إلى الرأي العام عبر الإعلام و هو الشيوع الذي يعد من الأهداف المركزية للجمعية المغربية للمعرفة التاريخية.